كتاب : شذا الريحان في روائع رمضان
من تأليف: جميلة المصري
مقتطفات من الكتاب:
فالمؤمن الموفَّق يفرح بنفحات ربه القدسية مع أول ليلة، ويستشرف لحظة البداية لربيع قلبه؛ فإن نفحات الخير المباركة تتنزل من السماء على القلوب الجرداء كالغيث المغيث؛ فتنبت الخير، وتشرق الأنوار، وتتبدل الأحوال لنذوق طعم الإيمان، وتصير القلوب مزهرة بعدما كانت جرداء قاحلة.
فإن محبة الأعمال الصالحة والاستبشار بها فرع عن محبة الله عز وجل، والرضا بما فرضه الله من صيام الشهر، فترى المؤمنين متلهفين مشتاقين إلى رمضان؛ غير كارهين ولا مستثقلين، تحن قلوبهم إلى صوم نهاره، ومكابدة ليله بالقيام والتهجد بين يدي مولاهم.. ومَن رضي أمرًا سهل عليه ولذَّ له.
المخلصون قوم فرغ الله قلوبهم، وجعل رحيق محبته مشروبهم، وأطال على باب خدمته وقوفهم، وجعل رضاه وقربه مطلوبهم، وغضبه وبعده مخوفهم.. فهم من خشيته مشفقون، ومن هيبته مطرقون.. إن تواضعوا فلرفعته، وإن تذللوا فلعزته، وإن خضعوا فلعظمته.. إلى الله افتقارهم، وبالله افتخارهم، وإلى الله استنادهم.. هو كنزهم وعزهم، وفخرهم وذخرهم، ومعبودهم ومقصودهم..
شهر رمضان له خصوصية بالقرآن، كما قال تعالى: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآَنُ) [البقرة:185]، وقد ورد النهي عن قراءة القرآن في أقل من ثلاث على المداومة على ذلك، فأما في الأوقات المفضلة كشهر رمضان؛ خصوصا الليالي التي يُطلب فيها ليلة القدر، أو في الأماكن المفضلة كمكة لمن دخلها من غير أهلها؛ فيستحب الإكثار فيها من تلاوة القرآن اغتناما للزمان والمكان. وهو قول أحمد وإسحاق وغيرهما من الأئمة، وعليه يدل عمل غيرهم.
مما راق لي