ذات مرة وقف سليمان (عليه السلام) ليستعرض الخيل التي كان هيأها لجهاد الكفار ـ كما هي العادة في الاستعراضات العسكرية ـ واشتغل بذلك حتى فاتته صلاة نافلة كان يصليها.
فتأثّر سليمان (عليه السلام) من ذلك تأثراً بليغاً، كيف فاتته النافلة وإن كانت هي مستحبة، ولماذا اشتغل بالخيل عن ذكر الله؟
ولذا وقف تلك الخيل في سبيل الله تعالى، حتى يدرك بعض الثواب الذي فاته بسبب تركه النافلة
(ووهبنا لداود) النبي (عليه السلام) (سليمان) وسليمان (نعم العبد) المطيع لله تعالى (إنه أوّاب) كان كثير الأوب والرجوع إلى الله تعالى حتى إنه إذا فاتته نافلة آب ورجع وتدارك ذلك بالإتيان ثواب غيرها (إذ عرض عليه) أي على سليمان (بالعشي) في وقت العصر، الأفراس (الصّافنات) وهي التي تقف على ثلاث، وترفع إحدى قوائمها، وذلك لا يكون إلا في الخيل الجيد (الجياد) جمع جيد.
وطال العرض حتى غابت الشمس، ولم يصل سليمان نافلته المعتادة كل يوم (فقال) سليمان متحسّراً على ما فاته (إني أحببت حب الخير) أي حب الأفراس حتى ألهاني ذلك (عن ذكر ربي) بإقامة النافلة (حتى توارت) الشمس (بالحجاب) فكأنها لما غربت فقد توارت واختفت تحت حجاب الأفق.
ثم أردف سليمان قائلاً: (ردّوها) أي الخيل (عليّ) فردّت (فطفق) أي شرع يمسح (مسحاً بالسوق) أي سيقان الخيل (والأعناق) يمسح عليها عطفاً وحناناً، ويوقفها في سبيل الله سبحانه.