قال الله تعالى { يا أيها الذين آمنوا كُتِبَ عليكم الصيام كما كُتِبَ على الذين من قبلكم لعلكم تتقون }
"من صام رمضان أيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدّم من ذنبه"
تهنئه من القلب وكل عام وانتم بخير مقدماً
ونسأل الله العلي القدير ان يبلغنا رمضان بالخير وعطائه
شهر رمضان من الشهور المعظمة عند الله تعالى، ففيه نزل القرآن الكريم في ليلة { خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ } [القدر:3-5]. وهو شهر القرآن، وشهر الصيام، ففيه تصفد الشياطين، ويكثر المسلمون فيه من الطاعات والعبادات، ويتقربون لربهم بالصدقات على الفقراء والمساكين.
رمضان هو اْسم من أسماء الله ، كما روى ذلك مجاهد (رضي الله عنه):" {الراء والميم والضاد أصل مطَّردٌ يدل على حدة في شيء من حرّ وغيره. فالرمض: حَرُّ الحجارةِ من شدة حرِّ الشمس. وذكر قومٌ أن رمضان اشتقاقه من شدة الحر؛ لأنهم لمَّا نقلوا اسم الشهور عن اللغة القديمة سمُّوها بالأزمنة، فوافق رمضان أيام رَمَضِ الحرِّ.}
وقيل: شهر رمضان مأخوذ من رمض الصائم ، أي أنه يرمض إذا حرّ جوفه من شدة العـطش. قال الله عز وجل: " شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن " .
وكما أن كلمة رمض ، تعني وضع الشىء بين شيئين أملسين وسحقه بشكل تدريجي ودقيق. فمعنى رمضان مأخوذ من رمض الصائم، والرمض معناه الجوع والعـطش الشديد .
كما أن الزكاة تقسم إلى قسمين: زكاة الغلاة والأموال، وزكاة الأبدان في الصيام. ولْـنـَرَ ما أعد الله لنا من زكاة الأبدان من خلال شهر رمضان المبارك الذي جعـل فيه ليلة القدر خير من ألف شهر .
كــلمة رمضان من خمسة أحرف وهي :
الراء .. رضوان الله للمـقـربـيـن
والميم .. مغـفـرة الله للعاصـيـن
والضاء .. ضمان الله للطائعـين
والألف .. ألفة الله للمتوكـلين
والنون .. نوال الله للصادقين
وُسمي رمضان لأنه يرمض الذنوب أي يحرقها مأخوذ من الرمضاء وهي شدة الحر
وقته: من طلوع الفجر إلى غروب الشمس. وحكم صيام رمضان واجب وهو الركن الرابع من أركان الإسلام لقول الله تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } [البقرة:183] ويجب صيام رمضان على كل مسلم بالغ عاقل قادر على الصوم رجلاً كان أو امرأة.
سؤال:
ماذا تقولون في تصفيد الشياطين في رمضان ؟ .
الجواب:
الحمد لله
روى البخاري ( 1899 ) ومسلم ( 1079 ) ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِذَا جَاءَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ ، وَسُلْسِلَتْ الشَّيَاطِينُ ).
وقد اختلف العلماء في معنى تصفيد الشياطين في رمضان على أقوال .
قال الحافظ ابن حجر نقلا عن الحليمي : " يحتمل أن يكون المراد أن الشياطين لا يخلصون من افتتان المسلمين إلى ما يخلصون إليه في غيره لاشتغالهم بالصيام الذي فيه قمع الشهوات وبقراءة القرآن والذكر ، وقال غيره - أي غير الحليمي - المراد بالشياطين بعضهم وهم المردة منهم .... وقوله صفدت ... أي شدت بالأصفاد وهي الأغلال وهو بمعنى سلسلت .... قال عياض يحتمل أنه على ظاهره وحقيقته وأن ذلك كله علامة للملائكة لدخول الشهر وتعظيم حرمته ولمنع الشياطين من أذى المؤمنين ، ويحتمل أن يكون إشارة إلى كثرة الثواب والعفو وأن الشياطين يقل اغواؤهم فيصيرون كالمصفدين ، قال ويؤيد هذا الاحتمال الثاني قوله في رواية يونس عن بن شهاب عند مسلم فتحت أبواب الرحمة ، قال ويحتمل أن يكون .... تصفيد الشياطين عبارة عن تعجيزهم عن الإغواء وتزيين الشهوات . قال الزين بن المنير والأول أوجه ولا ضرورة تدعو إلى صرف اللفظ عن ظاهره " فتح الباري 4/114
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى عن قول النبي صلى الله عليه وسلم ( وصفدت الشياطين ) ومع ذلك نرى أناسا يصرعون في نهار رمضان ، فكيف تصفد الشياطين وبعض الناس يصرعون ؟
فأجاب بقوله : " في بعض روايات الحديث : ( تصفد فيه مردة الشياطين ) أو ( تغل ) وهي عند النسائي ، ومثل هذا الحديث من الأمور الغيبية التي موقفنا منها التسليم والتصديق ، وأن لا نتكلم فيما وراء ذلك ، فإن هذا أسلم لدين المرء وأحسن عاقبة ، ولهذا لما قال عبد الله ابن الإمام أحمد بن حنبل لأبيه : إن الإنسان يصرع في رمضان . قال الإمام : هكذا الحديث ولا تكلم في هذا .
ثم إن الظاهر تصفيدهم عن إغواء الناس ، بدليل كثرة الخير والإنابة إلى الله تعالى في رمضان . " انتهى كلامه [ مجموع الفتاوى 20 ]
وعلى هذا فتصفيد الشياطين تصفيد حقيقي الله أعلم به ، ولا يلزم منه ألا يحصل شرور أو معاصي بين الناس .
والله أعلم .
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أسأل الله سبحانه وتعالى أن يبصرنا في ديننا وأن يفتح علينا بالحق ،
وأن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل ، وأن يرزقنا الجنة وما قرب إليها
من قول أو عمل ، وأن يباعد بيننا وبين النار إنه سميع مجيب الدعاء 0
وأن يبلغنا رمضان وأن يتقبل صيامنا وقيامنا
وأن يجعلنا من عتقائه من النار .