وصية نبي الله نوح لابنه
عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إن نبي الله نوحا صلى الله عليه وسلم لما حضرته الوفاة قال لابنه : إني قاص عليك الوصية آمرك باثنتين وأنهاك عن اثنتين ، آمرك بلا إله إلا الله فإن السموات السبع والأرضين السبع لو وضعت في كفة ووضعت لا إله إلا الله في كفة رجحت بهن لا إله إلا الله ولو أن السموات السبع والأرضين السبع كن حلقة مبهمة قصمتهن لا إله إلا الله وسبحان الله وبحمده فإنها صلاة كل شيء وبها يرزق الخلق وأنهاك عن الشرك والكبر"
قال : قلت أو قيل : يا رسول الله هذا الشرك قد عرفناه فما الكبر ؟
قال : أن يكون لأحدنا نعلان حسنتان لهما شراكان حسنان ؟ قال : "لا"
قال هو أن يكون لأحدنا حلة يلبسها ؟
قال : "لا" قال : الكبر هو أن يكون لأحدنا دابة يركبها ؟
قال : "لا" قال أفهو أن يكون لأحدنا أصحاب يجلسون إليه قال : "لا" قيل : يا رسول الله فما الكبر ؟
قال : "سفه الحق وغمص الناس" .
رواه البخاري في " الأدب المفرد "( 548 ) و أحمد ( 2 / 169 -- 170 ، 225) و البيهقي في " الأسماء "( 79 هندية ) عن زيد بن أسلم ، وصححه الألباني في " السلسلة الصحيحة "( 1 / 209 ).
قال الإمام الألباني طيب الله ثراه في السلسة الصحيحة ( باختصار ) :
(مبهمة( أي محرمة مغلقة كما يدل عليه السياق . (قصمتهن( قال ابن الأثير : القصم : كسر الشيء و إبانته ، (سفه الحق( أي جهله ،و الاستخفاف به
(غمص الناس( أي احتقارهم و الطعن فيهم و
الاستخفاف بهم .
و فيه فوائد كثيرة ، اكتفي بالإشارة إلى بعضها :
1 -- مشروعية الوصية عند الوفاة .
2 -- فضيلة التهليل و التسبيح ، و أنها سبب رزق الخلق . 3 -- و أن الميزان يوم القيامة حق ثابت و له كفتان ، و هو من عقائد أهل السنة
4 -- و أن الأرضين سبع كالسماوات .
5 -- أن التجمل باللباس الحسن ليس من الكبر في شيء . بل هو أمر مشروع ، لأن الله جميل يحب الجمال .
6 -- أن الكبر الذي قرن مع الشرك و الذي لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة منه إنما هو الكبر على الحق و رفضه بعد تبينه ، و الطعن في الناس الأبرياء بغير حق . فليحذر المسلم أن يتصف بشيء من مثل هذا الكبر كما يحذر أن يتصف بشيء من الشرك الذي يخلد صاحبه في النار .