السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أن الضر لا يكشفه إلا اللّه.
كما قال تعالى: {وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ}
[يونس: 107]،
والذنوب سبب للضر،
والاستغفار يزيل أسبابه،
كما قال تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ}
[الأنفال: 33]،
فأخبر أنه سبحانه لا يعذب مستغفرًا.
وفي الحديث: (من أكثر الاستغفار جعل اللّه له من كل هم فرجًا، ومن كل ضيق مخرجًا، ورزقه من حيث لا يحتسب)،
وقال تعالى: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} [الشورى: 30].
فقوله: {إِنِّي كُنتُ مِنْ الظَّالِمِينَ} [الأنبياء: 87]،
اعتراف بالذنب وهو استغفار، فإن هذا الاعتراف متضمن طلب المغفرة.
وقوله: {أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ} [الأنبياء: 87]،
تحقيق لتوحيد الإلهية، فإن الخير لا موجب له إلا مشيئة اللّه،
فما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن، والمعوق له من العبد هو ذنوبه،
وما كان خارجًا عن قدرة العبد، فهو من اللّه،
وإن كانت أفعال العباد بقدر اللّه تعالى،
لكن اللّه جعل فعل المأمور وترك المحظور سببًا للنجاة،
والسعادة، فشهادة التوحيد تفتح باب الخير،
والاستغفار من الذنوب يغلق باب الشر.
ولهذا ينبغي للعبد ألا يعلق رجاءه إلا باللّه،
ولا يخاف من اللّه أن يظلمه، فإن اللّه لا يظلم الناس شيئًا،
ولكن الناس أنفسهم يظلمون، بل يخاف أن يجزيه بذنوبه،
وهذا معنى ما روى عن على ـ رضي اللّه عنه ـ
أنه قال: لا يرجون عبد إلا ربه ولا يخافن إلا ذنبه.
وفي الحديث المرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم:
أنه دخل على مريض فقال: (كيف تجدك ؟) فقال: أرجو اللّه وأخاف ذنوبي، فقال:
(ما اجتمعا في قلب عبد في مثل هذا الموطن، إلا أعطاه اللّه ما يرجو، وآمنه مما يخاف).
فالرجاء ينبغي أن يتعلق باللّه،
ولا يتعلق بمخلوق، ولا بقوة العبد،
ولا عمله؛ فإن تعلىق الرجاء بغير اللّه إشراك،
وإن كان اللّه قد جعل لها أسبابًا، فالسبب لا يسـتقل بنفسه،
بل لابد له من معاون، ولابد أن يمنع المعارض المعوق له،
وهو لا يحصل، ويبقى إلا بمشيئة اللّه ـ تعالى.